Sunday 11 December 2011

حرب ايران والغرب والنتائج الاحتمالية



عكس ما يدعي النظام الايراني في الاعلام يوميا، نظاما ضعيفا ومنهكا؛ فالنظام الايراني حاليا يواجه مشاكل في شتي الامور السياسية والاقتصادية والاجتماعية في الداخل وفي المنطقة وفي العالم؛ ففي الداخل الاوضاع الاقتصادية بشكل عام و في الاقاليم الغير فارسية بشكل خاص في حالة متدهورة للغاية؛ الفساد المالي و الاداري و الاختلاسات والسرقات التي حصلت و فاقت الميليارات ( واخرها سرقة 3 ميليار دولار قام بها عدد من رؤوس النظام ) والانفاقات التي تعطيها ايران لحزب الله و النظام السوري (و آخرها اوامر خامنه اي بمساعدة النظام السوري بمبلغ 5.6 ميليار دولار لصرفها في قمع الثورة السورية،حيث وصل للنظام السوري لحد الان 3.5 ميليار دولار)،كل هذه الامور انهكت الاقتصاد الداخلي وخصوصا بعد الانخفاض المستمر لاستخراج وتصدير البترول الذي يعتبر مصدرا لاكثر من 90% من موارد ايران الاقتصادية.
و لم يكن الجيش الايراني أفضل حال من الاقتصاد الايراني،لانه جيشا يرثي على حاله (فالمعروف للشباب في ايران،لكل من يريد ان يرى و يجرّب المخدرات بشتي انواعها فليذهب الي الجيش) و اما الانشقاقات في صفوف الحرس الثوري و خلال السنوات الثلاثة الماضية اصبحت في تزايد خصوصا في المراتب الثانية والثالثة من صفوف الضباط..
وفي المنطقة،الثورة السورية واحتمالات سقوط بشار الاسد وعدم استطاعة ايران في ارسال المساعدات المالية السنويه المخصصة لحزب الله والتي تقدر باكثر من ميليار ونصف ميليار دولار سنويا بسبب العجز الاقتصادي والذي قد يدفع حزب الله ان يخرج من احضان ايران وايضا تدخلات ايران في شئون دول المنطقة عموما و الدول العربية خصوصا،و موقف ايران المتناقض لاحداث الثورات و الربيع العربي في المنطقة الذي غير وجهة نظر الكثير من الشارع العربي خصوصا اولئك الذين كانت لهم نظرة مؤيده لايران ( بغض النظر عن الاسباب المذهبية او السياسية ) وفي الساحة العالمية وهي الاهم، اصرار ايران على متابعة انشطتها النووية حتى الحصول الي الاسلحة الذرية وعدم اهتمامها الي الواقع السياسي الموجود في الساحة السياسية العالمية وايضا عدم احترامها للقوانين الدولية في شتى الامور وايضا العقوبات التي قد يفرضها الغرب على الصناعة البترول والبنك المركزي الايراني والتي قد تجر ايران لكارثة اقتصادية لم تشهدها حتي في زمن الحرب مع العراق(1980-1988) و بالرغم من كل هذه الازمات و قوائم اخرى لا نهاية لها من المشاكل التي يواجهها النظام الايراني،هناك سوالا يطرح نفسة و بقوة و هو لماذا يريد النظام الايراني مواجهة الغرب و ما هو الهدف المنشود من وراء الحرب و ما هي نتائج هذه الحرب؟ 
فقد النظام الايراني الفارسي شعبيتة نهائيا في الشارع والمجتمع الايراني وخصوصا بين الشعوب و الاقوام الغير فارسية بسبب معاملته و اضطهاده و نظرته الاستعلائية والاستحقارية للعنصر الغير الفارسي،فالفرد الفارسي يواجه اضطهادا واحد من قبل النظام و هو الظلم والفقر الاقتصادي ولكن الفرد الغير الفارسي و منذ تأسيس الدولة الايرانية الحديثة على يد رضا خان ، يواجه شتى انواع الظلم بدء من الظلم الاقتصادي و السياسي و الثقافي والاجتماعي و محاولات لطمس هويته القوميه وحرمانه من لغته وفرض لغة و ثقافة اخرى عليه و... وبما ان مشروع تصدير الثورة الايرانية للجوار الايراني ومنها الدول العربية في المنطقه لم ينجح و ذلك بسبب سياسته الخارجية التدخلية والسياسة الداخلية القمعية و التعسفية،فمن الطبيعي ان النظام الايراني قد يواجة مشاكل او ثورات داخلية،لذا يحاول و من خلال اشعال الحرب تحويل انظار الشعب لامور اخري تلهي الشعب عما تجري له من مظالم و حرمان ،كما فعلها الخميني بعد انتصار الثورة، و بالحرب مع العراق حوّل النظام انتباه الشعب عن المذابح والاعدامات التي جرت لعشرات الالاف من السجناء السياسيين لميادين و ساحات الحرب.
و في السنوات الاخيرة لجاء النظام الايراني الى احياء الفكر العنصري الفارسي ضد العالم بشكل عام و ضد العنصر العربي بشكل خاص،حيث استمر في تبني خطاب النظام الملكي (الشاهنشاهي)السابق و منهجه في هذا الامر و تصريحات بعض كبار النظام و كبار الاعلاميين الايرانيين عن البحرين بانها ما زالت جزء لا يتجزء من ايران و لا بد ان ترد الى ايران وايضا تصريحاتهم عن الخليج العربي بانه خليج فارسيا وليس عربي و ردود فعل المويدة لاصحاب النزعة الفارسية و تاييدو دعم الكثير من مفكري الشارع الغير فارسي في ايران،دليلا واضحا على محاولة النظام لجذب الكثير من الشارع والمعارضة الداخل والخارج و حثهم على الاصطفاف بجانبه ،حتى و ان كان هذا الاصطفاف يكون مؤقتا، في الواقع النظام يريد ان يدعم و يوسع هذا الاصطفاف باشعاله فتيل الحرب، فالمعارض والناشط السياسي و الحقوقي والمثقف الفارسي الذي يؤيد النظام ويقف بجانبة في حين يعلم علم اليقين بان هذا النظام نظاما ظالما ليس له ادنى مشروعية،من المؤكد حين تنشب الحرب سيكون بجانب النظام قلما وقلبا واذا امكن له جسد.
و علي سبيل المثال المقالات التي كتبها بعض المعارضون والناشطون عن موقفهم في حال نشوب الحرب ضد ايران،منهم من صرح بانه لن يقبل بالهجوم العسكري ضد ايران واذا بدءت الحرب بالفعل سيكون جنديا في الخط الاول للجبهات العسكرية ضد الغرب،حتى و ان افترضنا ان هذه التصريحات بانها مجرد دعاية او مخادعة سياسية فانها بشكل غير مباشر تدل علي التعاطف الفارسي مع النظام.
في الحقيقة فلسفة النظام الحاكم من خلق الازمات لاستمراره لبقائه علي الحكم لا غير؛ فانظام الايراني مبني علي خلق الازمات وبقاءه يرتبط بخلق الازمات في العالم والدول الجوار وبدون خلق الازمات من المستحيل بقائة.
اما بالنسبة لبرنامجه النووي؛العالم يوكد علي سعي ايران لامتلاك لاسلحة الدمار الشامل وتحديدا السلاح النووي ولكن النظام الايراني ينفي ما يدعيه العالم ولكن حتي الان لم يعطي سببا واحدا مقنعا لدول الجوار والغرب والعالم علي عدم سعيه لما يدعيه العالم ويلعب مع العالم بحبل تارة يشدها وتارة يرخيها وفي نفس الوقت يعلم بان كل هذا مضيعة الي الوقت والحرب مع الغرب وفي الواقع مع العالم قد تقع في اية لحظة و في الواقع المنطقة اصبحت كمخزن باروت وقد تنفجر نتيجة اصغر برق فالنظام الايراني من المستحيل ان يتخلي عن الحصول الي هذه القدرات؛ فبهذه القدرات يصل الي الهدف الذي لطالما كان يحلم به وهو فرض سيطرته السياسية علي المنطقة ولكن ورغم نفي ايران لعدم حاجتها لهذه القدرات وان فعالياتها بهذا المجال سلمية فالغرب والعالم يعرف ما تخطط له ايران وايران يعرف بان هذا الاصرار والانكاربالتاكيد سينتهي الي الحرب فمن المستحيل للغرب والعالم يتقبل نظاما راديكاليا متطرفا يمتلك سلاحا نوويا فكما صرح ماك كين في الحملة الانتخابية الامريكية سنة 2008 حين قال: هناك امر واحد اسوء لنا من الحرب مع ايران والذي سنمنع من حدوثه حتي اذا اجبرنا علي الحرب مع ايران و هو امتلاك ايران للسلاح النووي؛ وايضا في الحملات الانتخابية لسنة 2012 ازمة ايران النووي من اهم ما يستخدمون بعض المرشحين من الدعاية للانتخابات الامريكية ويصرحون علي الهجوم علي ايران عندما يدخلون البيت الابيض وحتي اذا افترضنا بانها مخادعة سياسية فان اسرائيل مستحيل ان تبقي مكتوفة اليدين لاكتساب نظاما متطرفا الي السلاح النووي الذي حلمه الاكبر قيادة العالم الاسلامي وعلي الاقل فرض سيطرتة السياسية والاقليمية علي الدول الجوار باستخدام الدين كوسيلة؛ فبالتاكيد اسرائيل بمجرد التاكيد بان ايران وصلت الي مرحلة الوصول الي اكتسابها للسلاح النووي فوقائيا ستهجم علي المنشئات النووية التي سينهي بردود فعل ايران وفي النهاية دخول الغرب الي الساحة الحرب؛ الحرب التي لطالما النظام ايراني كان وما يزال حلم به للاستفادة منه في سبيل توحيد الصفوف الداخلية الي جانبه و كسب جمهور وتاييدا بين الشعوب العالم والمنطقة؛ ولكن بالتاكيد مقدمة هذه الحرب لا تكون كحرب ايران والعراق؛ حرب مشاة بل حرب طائرات وصواريخ و وحروب الكترونية التي لا تقارن مع الحروب العادية وخصوصا حرب الايرانية العراقية فامكانيات ايران الدفاعية والهجومية البدائية لا تقارن مع امكانيات الغرب المتطورة وفي الحقيقة خروج اكثر القوات العسكرية الامريكية من عراق و افغانستان ليس الا نذيرا بحرب جوي والصاروخي في البداية والذي قد ينتهي الي الحرب اهلية في ايران بعد التشليل وتدمير كل قدرات وامكانيات ايران الدفاعية والهجومية والذي قد ينتهي بتجزئة ايران.

حتي اذا افترضنا بان كل ما قيل ليس الا تحليل من نسيج الخيال ولكن في الواقع المنطقة اصبحت اكبر مخازن للاسلحة في العالم وهذا لا يبشر بالخير في الحقيقة ليس الا نذيرا بمستقبل لا يعلمة الا الله؛ ايضا تسلسل الاحداث السياسية التي تحدث الان بخصوص ايران ليست مختلفه عن الاحداث التي وقعت قبيل الحرب الايرانية العراقية وايضا حرب امريكا والغرب ضد العراق والتي انتهت بالحروب و لو نظرنا بشكل اعمق لرئينا ان الاحداث التي تجري في الساحة السياسية ضد ايران مزيجا من احداث التي جرت قبيل الحربين؛ اقتحام الطلاب للسفارة الامريكية انتهت بحرب والحصار والعقوبات الذي فرضها الغرب علي العراق انتهت بحرب ومع ان الاقتحام والحصار ليسا السبب الجوهري لبدء هذه الحروب ولكن تشابه الاحداث قد تنتهي بتشابه النتائج.